رواية رائعة لملكة الروايات كاملة بقلم نور

موقع أيام نيوز


.. ولم تقل صدمة والدتها بل زادت علي صډمتها ... عويل و صړاخ حاد جاء علي أثره كل من بالقرية ...
صړخ الوالد بصوت رجولي عالي في أهل القرية 
_ إمشوا !! روحوا لمصالحكم يلاااااااا ...
لم يذهب أهل القرية وظلوا ماكثين حتي يروا ما سيحدث وكانت ستذهب السيدة المسنة ولكن صوته أستوقفها قائلا بحدة 
_ إنت اللي عملت الڤضيحة ديه! يبقي إنت اللي تنهيها! وملكيش صالح هنا بعد كدة ..

نظرت له السيدة مستفهمة فهم نظراتها و أردف بحدة 
_ شوفي عريس لسارة !
شهقات عالية أصدرتها والدتها ووقعت أرضا وهي تتمتم ب يارب سترك يارب سترك يارب سترك 
لكن لم تتغير ملامح سارة بل إزدادت قوة و ثبات ... قالت بصوت عال وهي تصيح بوجه والدها 
_ اللي في دماغك دا عمره ما هيحصل ! أنا مش هتجوز ..
هذه الصڤعة كانت من نصيب والدتها هذه المرة فهي لم تعتاد أن تتحدث مع والدها بهذا الشكل و خصوصا أنها تتكلم هكذا في أثناء تواجد أهل القرية .. الذين لم يذهبوا لمحل عملهم بل ظلوا واقفين حتي يروا ما سيحدث في نهاية المطاف ..
وأخيرا ظهر صوت الوالدة بالإحتجاج ولكن ليس في صف إبنتها بل في صف والدها فهي لن تستطيع أن تعارض زوجها أمام أهل القرية وتصبح الڤضيحة أضعاف مضاعفة!
قالت وهي تنظر لها بعيون نادمة .. عيون يملؤها الحسړة ... ولكن ما باليد حيلة 
_ اللي أبوكي قاله يتسمع عاد من سلونا عادات إننا بنسمع كلام الكبار اللي عيخافوا هيخافوا علي مصلحتك !!
نظرت إليهم نظرات عابرة كارهة لهذا الموقف الذي وضعت به ساخطة علي هذه التي وضعتها بين شقي الرحي و متوعدة لمن سيكون تعيس الحظ الذي سيرتبط بها عاجلا ام آجلا ..
ذهبت لغرفتها وظلت تردد بين ثنايا عقلها متعيطيش! اوعك ټعيطي! إنت قدها وهتعرفي تتصرفي! ويا ويلك يا سواد ليلك ياللي هتفكر ترتبط بيا 
_ إيه يا عم قاسم مش بتسأل يعني 
قالها آسر وهو صديق قاسم المقرب بشرته سمراء حنطية يمتلك شفاه رفيعة وأنفه مدبب طويل جسده رياضي مثل قاسم ولكن قااسم أقوي وأعرض .. دائم المزاح مع قاسم ..ولكن قاسم بطبيعة صفاته أنه هادئ نوعا ما ... صارم في بعض الأوقات فهو يفكر في قرارته وليس متسرعا كآسر ..
نظر له قاسم بطرف عينيه ثم عاود النظر إلي الأوراق التي أمامه مرة أخري ..
إقترب منه آسر حتي يري ما يشغل باله وكان متنبئ بما سيراه فسارع بإلقاء كلماته الغاضبة عليه
_ تاني يا قاسم مش قولت إنك هتسيب حوار الهندسة دا! .... إنت وعدتني إنك هتكمل شغل في التجارة ..
ترك قاسم الأوراق من يديه وعاود مطالعة صديقه ثم قال بنبرة مرتخية وهادئة 
ومين قالك إني سيبتها 
نظر له آسر بعدم فهم ثم أردف 
_ يعني إنت طول الفترة اللي فاتت ضحكت عليا ورمتني وخليت بيا
إبتسم قاسم علي جملته ثم قال بمزاح 
_ هو أنا كنت وعدتك بحاجة إنت اللي عشمتي نفسك يا بيضة .
إبتسم آسر رغما عنه ثم قال بضحك متناسيا غضبه 
_ طب والعيل يا سي قاسم ..
قهقه قاسم حتي كشفت عن غمازتيه قاطعه آسر بالضړب علي رأسه مدعيا النسيان 
_ شوف خلتني أنسي الحوار الاساسي بجد يا قاسم عرفني دماغك فيها إيه الهندسة مجبتش غير ۏجع القلب والدماغ ليك و ...
إقتطع كلامه لإستشعاره بأن ما سيتحدث به بعد ذلك سوف يضر نفسية صديقه ..
ولكن قد فات الأوان لذلك فملامح قاسم قد تغيرت للأسوء وأصبحت ممتعضة وملامح الألم تغزو ملامحه شيئا فشيئا ... ثم أردف 
_ البيت دا بالذات مهم .
نظر له آسر بعدم فهم .. وقال بنبرة مستفهمة 
_ إشمعنا يعني ما كانت بتجيلك فرص كتير لبيوت مهمة إشمعنا دا اللي بدأت في بناؤه 
سحب نفسا عميقا ثم قال بنبرة رجولية بحتة 
_ عم توفيق صاحب أبويا الله يرحمه .. وطلب مني بيت .. مقدرتش أرفض!
زفر آسر وحرك رأسه يمينا ويسارا في إعتراض ولكن آثر أن يكتمه بداخله ...
صوت رنين الهاتف هو من قطع سكونهما .. أمسك قاسم الهاتف وقام بالرد بصوت خشن 
_ ألو !
إستمع إلي ما يقوله المتصل و تعابير وجهه تتبدل إلي الغلظة و الڠضب .. ظلت تفاحة آدم تعلو وتهبط من كثرة غضبه وجز علي أسنانه وهو يقول بصوت حاد نسبيا 
_ طب إقفل وأنا هتصرف!
ألقي بهاتفه علي الأرض ثم عاد بجسده إلي الخلف حتي إستند علي كرسيه .. ووضع وجهه بين راحة يداه ..
صوت آسر القلق أيقظه من دوامة تفكير عميقة وهو يقول 
_ مالك يا قاسم 
وجه قاسم نظراته لصديقه وقال بنبرة خالية من التعابير 
_ توفيق جايبلي عروسة عندها ١٧ سنة!

الفصول من 25
نظر آسر ب صدمة ل قاسم الصامت والذي برع في إخفاء ملامحه ولكن لم يصمت آسر و هب واقفا وقال بعدم فهم 
_ نعم وهو عم توفيق ميعرفش إن إنت داخل في ال ستة وتلاتين سنة !! دا جايبلك بنت تربيها مش واحدة تتجوزها ..
لم يتحدث قاسم فآثر أن يقابل توفيق أولا حتي يستفسر عن طلبه هذا ..
خبط آسر علي طاولة المكتب ب قوة وقال صائحا 
_ ما ترد يا قاسم فيه حاجات مينفعش معاها الغموض!
وأخيرا إنفجر قاسم في وجه صديقه قائلا 
_ وأنا مش عارف أقول إيه ولا أعمل إيهإرتحت !!
أغمض آسر عينيه في يأس وخبط علي كفيه بتعجب وقال 
_ معني كدة إنك هتستني توفيق يجي وتفهم منه .. لكن مش هترفض من البداية ..
إكتفي ب نظرات صامتة في وجه صديقه ثم أمسك ب معطفه وذهب بعيدا عن المكتب وغادر بسيارته إلي مكانه المفضل ..
بعدما ذهب لمكانه المفضل وأراح ذهنه وباله .. ذهب بسيارته و توجه إلي المكان الذي يقطن به توفيق .. كان يقطن في مزرعة بسيطة .. مليئة بالخيول .. وفي هذا الإسطبل يوجد غرفة صغيرة كان ينام بها هذا العم ..
طرق عدة طرقات حتي فتح الباب وخرج منه عم توفيق ب بشاشة وهو يقول 
_ إتفضل يا قاسم يا إبني .. نورت
إبتسم قاسم ب حبور .. ثم جلس علي الأرض متربعا وإنتظر حديث العم .. وبالفعل إفتتح كلامه ب 
_ شوف يا إبني الخدمة ديه أنا قاصدك فيها عارف إن البت صغيرة عليك .. بس إنت هتمنع ڤضيحة كبيرة ممكن تحصل .. و بعد كدة عايز تطلجها تطلقها براحتك .. المهم تكون اتجوزت والعيون بعدت عنها ..
تكلم قاسم ب رزانة 
_ أنا مش هيرضيني الفضايح يا عم توفيق بس إنت عارف إني رافض فكرة الزواج .. ولو حبيت أتجوز أكيد مش هتجوز واحدة صغيرة أوي كدة!
قال عم توفيق ب نبرة مليئة بالخۏف من رفض قاسم
_ يا إبني أنا قولتلك بس إبعد الفضايح وبعدين إتصرف كيف ما بدك زي ما إنت عاوز ..
قال قاسم ب إستفهام 
_ يعني لما هطلقها بعد ما نتجوز دا مش ڤضيحة يا عمي ليه أبهدل بنات الناس معايا
قال عم توفيق برفض 
_ لا ما إنت هتطلجها هتطلقها مثلا بعد سنة أو ست شهور ..
ظل عم توفيق وراءه حتي إضطر أن يوافق وهو غير مقتنع بما سيفعله ولكن سيفعل ذلك فقط لإرضاء هذا الرجل المسن صديق والده .. وكانت من وصية والده عليه أن لا يرفض أي طلب لهذا العم الكبير ..
أكد عليه العم مرة أخري لسماع الجواب من قاسم صريحا بالموافقة 
_ ها يا قاسم قولت إيه 
نظر له قاسم وقال ب صوت رجولي 
_ بقول .. إستعني ع الشقي ب الله ..
فرح العم كثيرا وقال له وهو يغادر الغرفة 
_ طب شوف يا إبني هروح أعرف منهم ميعاد عشان تقابل والدها وتشوفها ماشي .. أوعي تتحرك ..
أومأ له قاسم وما إن غادر حتي زفر قاسم ب شدة وهو لا يعلم ما سوف يقدم عليه ولكن ظل جالسا ينتظر ما سيحدث ..
ذهب العم علي بعد مسافات ليست ب طويلة من داره .. إلي دار السيدة المسنة التي إفتعلت مشاكل مع سارة ووالديها وهي من سألت العم أن يبحث لرحمة عن رجل يتزوجها .. وطرق عدة طرقات سريعة علي باب بيتها منتظرا إياها لكي تخرج وبعد عدة دقائق .. فتح الباب وخرجت منه السيدة وإبتسمت تلقائيا وهي تقول 
_ عم توفيج!! عم توفيق .. إيه عملت إيه في الموضوع اللي جيتلك فيه
قال بإبتسامة واسعة 
_ خلاص لقيت إبن الحلال وهو موافق يارب يستر علي ولايانا و بناتنا ..
قالت ب فضولية 
_ ألا هو فين يا عم 
قال وهو يشاور بيديه علي الإسطبل التابع له 
_ أهو هناق هناك .. عايزينك تحددي ميعاد مع أهلها عشان يجي ويقابلهم ..
قالت ب صياح 
_ ميعاد لا دا هو يشوفها ويتقدملها دلوق!! دلوقتي 
قال ب صوت عالي رافضا ما تقول 
_ لا يا
هانم مينفعش!! دا أنا مصدجت ما صدقت أقنعته!
قالت وهي تغلق الباب وخرجت مع هذا العم 
_ قولتلك لاه لا يعني لااااه .. أنا رايحة أقولهم وإنت هاته وتعالي..
ولم تترك له فرصة الحديث فقامت بالذهاب لبيت سارة و ..
قام والد سارة ب بفتح الباب ووجدها أمامه وهي تبتسم 
_ يلا حضروا حالكم .. العريس معايا!
تفاجئ الوالد في بادئ الأمر ولكن سعد فهذه نهاية الڤضيحة وأخيرا ..
ذهب وأخبر الأم .. إبتسمت الأم إبتسامة باهتة وذهبت لإيقاظ إبنتها و ..
_ يلا يا بت يا سارة .. جايلك عريس قومي إلبسي أي هدمتين هدوم من عندك يلا ..
وضعت سارة الوسادة علي وجهها وقالت بصوت ناعس 
_ مش قايمة! جاي الساعة تسعة الصبح يتقدم !! إيه جاي يبيع لبن.
لكزتها الأم بقوة وجعلتها تستيقظ رغما عنها .. وتوعدت له سارة وبالفعل شرعت في تنفيذ خطتها وهي تبتسم في شراسة ..
ذهب العم وأحضر قاسم الذي كان يرتدي قميص أزرق محررا أول أزراره وبنطال من اللون الجملي ..
ظلت السيدة تنظر له في إعجاب وهي تحسد سارة علي هذا الرجل المتكامل وعضلاته القوية ووجهه الحسن الذي تزينه ذقن خفيفة ..
جلس قاسم في توتر ولكن لم يظهر ذلك .. ثم حمحم حتي يجد صوته 
_ إحم إحم .. أنا جاي أتقدم لبنت حضرتك ..
أردف العم توفيق 
_ بنتك سارة يا حاج ..
تعالي صوت السيدة المسنة وهي تنادي سارة 
_ يلا يا بت يا سارة .. تعالي شوفي عريسك..
قال الأب بهدوء 
_ طب نعرف مين دا الآول إحنا مش بنبيع بنتنا يعني!
قال العم توفيق ببشاشة 
_ خليهم يقعدوا مع بعض يتعرفوا الأول .. وانا هحكيلك عنه هو إبني اللي مخلفتهوش علي فكرة!
جذبت السيدة قاسم وذهبت به إلي الشرفة الطويلة العريضة المليئة بالورد البلدي الأصيل .. وجعلته يجلس ينتظر قدوم سارة 
وبالفعل أتت سارة ..
جحظت عيناه بشدة .. وهو يري مهرج أمامه وليس فتاة ..
كانت سارة ترتدي جلباب طويل من اللون الأخضر .. وشعرها كان غير مرتب وأشعث .. كانت تضع أحمر الشفاه علي حاجبيها ... و تضع الكثير منه علي وجهها وكانت تبدو ك من أصابته الحمي .. إبتسمت حتي ظهرت أسنانها وبها أشياء سوداء عالقة بها ..
وقالت ب إستفزاز 
_ إنت بقي عريس الغفلة!
لم يظهر علي ملامحه أي ملامح صدمة .. وهذا الشئ جعلها تتساءل بداخلها ..
ولكن بداخله كان مزيج بين الضحك و الصدمة ..
هو علم أنها تفعل ذلك لكي لا يتم الزواج ..
وملامحها المتسائلة أكدت له ذلك ..
قابلها بكل برود وقال بإبتسامة هادئة أظهرت غمازتيه .. وأصبح طابع الحسن في ذقنه بارزا فكان شديد الوسامة حتي أنها نسيت خطتها 
_ أيوة أنا !!
فقالت ب بلاهة وهي فاتحة فمها من الصدمة 
_ هاه 
فقال بإبتسامة أوسع 
_ هتفضلي واقفة كتير 
جلست وما زالت مصډومة .. فالآية إنعكست .. وأصبحت هي من وقعت بالفخ!! ب فخ قاسم !!
حمحم بهدوء .. وقال ب بحة رجولية 
_ أنا الباشمهندس قاسم
 

تم نسخ الرابط