قصه كامله بقلم ياسمين عزيز
المحتويات
صالح يلعن نفسه ألف مرة...القساوة التي
غلفت قلبه على مدار سنوات و عقله الذي
تشبع بفكرة الاڼتقام أنسوه كيف يكون لطيفا
مع أنثى... تنهد و هو يضحك على نفسه
لم يعتقد أن الأمر صعب لهذه الدرجة
يريدها له و معه دائما لكنه لا يريد فقدان
السيطرة على مشاعره و نفسه مرة أخرى
و هو مؤمن... بأن المرأة ليست سوى كتلة
مشاعر متقلبة لا يمكن فهمها تستطيع أن
تهبك نفسها اليوم و تتنكر لك في الغد لذلك
وجب السيطرة عليها جيدا بكل الطرق
و فتاة كيارا....عنيدة و متمردة لن يكون اللطف
معها خيارا جيدا لو لم تكن مجبرة لما بقيت
معه لحظة واحدة.... أفكار غبية مبنية على
لا يعلم أن المرأة...هي في الأصل وردة يانعة تحتاج لمن يرعاها و يدللها لا أن يقسو عليها و يقمعها.....
رفع يده ليمسد شعرها هو يحدثها محاولا
إرضاءها..
طيب خلاص متزعليش أنا هشتريلك عربية
كبدة بحالها ليكي و لأم لسان و نص اللي إسمها
أروى دي... كفاية عياط بقى عينيك هتورم و هتضطري بكرة متروحيش شغلك الجديد...
المديرة بتاعتنا مش مسؤولة و بتغيب من أول
يوم .
مسحت يارا دموعها كطفلة صغيرة قبل حتى
أن ينتهي صالح من جملته متمتمة بكلمات
مبعثرة..لا خلاص مش هعيط...أنا كويسة
و مش عاوزة حاجة و لو حابب نرجع
جوا ناكل اي حاجة على ذوقك مفيش
مانع.
أدرك صالح أنها تحاول إستجداء عطفه
لفعل أي شيئ
من أجل ذلك... ليبتسم بخبث
مقررا إستغلال هذه الفرصة الذهبية لكن ليس
الان ربما لاحقا...فتح باب السيارة و هو
يقول لها..
متنزليش من العربية...أنا عشر دقائق و آجي
مش هتأخر عليكي.. .
إستغربت يارا من فعلته المفاجئة لتحاول إيقافه
لكنه كان قد أغلق الباب بالمفتاح الإلكتروني...
تابعته بعيناها و هو يصعد الدرج ثم إختفى بسرعة
داخل المطعم...لتمر عدة دقائق أشعرتها بالضجر
و الخۏف أن يتراجع صالح في قراره و يحبسها من جديد في ذلك القصر...
دقائق أخرى قضتها يارا تنتظره على أحر من
الجمر لتتنهد أخيرا بارتياح رغم تسارع دقات قلبها
جذب إنتباهها تلك الأكياس التي كان يحملها
في يده و التي كتب عليها إسم المطعم من الخارج
حتى أنها إلتفتت تتابعه بعينيها عندما إستدار
وراء السيارة حتى وصل للباب....
ضغط على المفتاح الإلكتروني ليفتح باب السيارة
و يدلف ثم وضع الأكياس فوق قدميها و هو يقول
بتذمر..
آدي يا ستي سندوتشات الكبدة... أنا خليت الشيف
أكرم يسيب شغله و يعملهم بنفسه أحسن من سندوتشات الشارع اللي مليانة قرف اوووف ريحتي بقت كلها بصل بسببك .
ضحكت يارا و هي تفتح الأكياس و تستنشق رائحة الطعام التي جعلت لعابها يسيل...أخذت إحدى
اللفافات و فتحتها ثم بدأت تأكل و هي تهمهم بتلذذ..
مممم طعمها يجنن... تحب تذوق.
قربت اللفافة من فمه لكنه أبعد وجهه للجهة الأخرى و هو يقول بتقزز..
شيلي البتاعة دي من
قدامي... أنا مش باكل الأكل
داه.
تناولت يارا قضمة أخرى ثم أجابته..
أحسن... اصلا هما مش كثير كنت جبت
بزيادة .
تناول صالح زجاجة عطره التي يحتفظ بها صندوق السيارة ليرش بعضا منها في الهواء
حتى تختفي رائحة الكبدة و البصل التي كانت
تملأ المكان و هو يجعد ملامحه باشمئزاز قائلا..
مكنتش عارف إنك مفجوعة كده...و بعدين
إنت مسموحلك تاكلي نص ساندوتش بس...سيبي
الباقي لأروى.
همهمت يارا بأعتراض و هي تلملم الأكياس
نحوها..لا.. الاكل داه بتاعي مليش دعوة
متنساش إني حامل و لازم أتغدى كويس و بالنسبة
أروى فعندها جوزها يجبلها اللي هي عاوزاه.
حرك صالح السيارة لتأخذ طريقها نحو مدينة
الملاهي التي قرر أن تكون مفاجأته الثانية
لها ليضحك باستمتاع و هو يلتفت لها بين
الحين و الآخر يراقبها و هي تأكل على طبيعتها
لأول مرة منذ سنوات....
توقفت السيارة ثم ترجل صالح ليفتح لها
الباب لتنزل...ثم تناول احد الأكياس من الحارس
ليخرج قارورة مياه صغيرة و يفتحها و يعطيها لها قائلا..
خذي إشربي... .
وضع الكيس في السيارة ثم أعطى المفتاح للحارس
ليركنها في مكان مناسب...لينتبه ليارا التي كانت
متجمدة في مكانها و تنظر أمامها ببلاهة ممسكة
بقارورة الماء في يدها اليمني و الغطاء في اليد الأخرى ....
ضحك بخفة عندما سألته..
صالح... هو إحنا فين
وضع صالح يده على ظهرها حتى يحثها على
التحرك قائلا..تعالي متوقفيش زي الصنم كده
قبل ما أنادي عصام يجيب العربية....
إستدارت نحوه معترضة بعد أن أفاقتها كلماته
المحذرة لتنبس بلهفة..
لالا.... عربية إيه أنا مقلتش أي حاجة
إستنى شوية عشان أشرب شوية مية عشان
ريقي نشف و حاسة إني هيغمى عليا من المفاجأة .
أغلقت القارورة ثم إحتضنتها بسعادة و هي
تحول نظراتها هنا و هناك لا تعلم بأي لعبة
ستبدأ...قطبت جببنها بإستغراب بعد أن إنتبهت
إلى خلو المكان إلا من بعض العمال الذين
عرفتهم من خلال زيهم الموحد...لتسأله..
هو المكان فاضي ليه
ضربها صالح على رأسها بخفة قائلا..
يمكن عشان عشان في حد حاجز المكان
كله .
إنت صح تحدثت و هي تبتسم بينما لم
يجبها صالح الذي كان مشغولا بتقييم
مختلف الألعاب الموجودة هنا حتى
يختار لها لعبة مناسبة لحالتها بإعتبارها
حامل...لتقاطه و هي تصرخ بحماس..
صالح أنا عاوزة أركب اللعبة دي.
أشارت بيدها نحو الأعلى و تحديد ا نحو لعبة ليرفع عينيه ناحية لعبة الأفعوانية مضيفة بنبرة راجية..
عشان خاطري عاوزة أجربها... أنا عمري ما رحت
مدينة الألعاب حتى لما كنت صغيرة...بليز شوية بس
حتة صغننة قد كده.
جذبته من ذراعه حتى تحثه على الذهاب
نحوها لكن صالح أوقفها قائلا بحزم..
إنت ناسية إنك حامل.. الظاهر إني فعلا
غلطت لما جبتك هنا إنت مش اللعبة دي
عاملة إزاي مش هتتغيري أبدا و هتفضلي طول
عمرك مستهترة.
كان غاضبا بالفعل... لم يكن يتوقع أنها بهذه
الانانية تريد اللعب و الاستمتاع و لا يهمها حياة
ذلك الطفل القابع في بطنها...عضت يارا
شفتيها بعد أن إنتبهت لخطئها فهي لم تكن
تقصد أن تضر صغيرها لكن فرحتها لرؤية
كل هذه الألعاب أنساها عقلها....
تحدثت بأسف لتعتذر منه..
عشان خاطري متزعلش مني أنا مش
قصدي أذيه ماهو كمان إبني زي ماهو إبنك
و اكيد بخاف عليه أكثر منك... كل الحكاية
إني تحمست زيادة و بعدين أنا أصلا مستحيل
أجرب اللعبة دي...يلا تعالى نركب الدودة
الحلوة دي.. يا خړابي داه حتى لونها أخضر .
كانت تحاول أن تنسيه ما تفوهت به منذ
قليل و هي تصفع نفسها داخليا على
هذا الخطأ الشنيع الذي كادت ترتكبه كيف
لها أن تنس أنها حامل... لوهلة شعرت بالخۏف
ألهذه الدرجة هي أم مهملة أم أنها بداخلها لازالت
ترفض وجوده في حياتها.. ألم تتفق مع صالح
أن يطلقها مقابل ترك الصغير له و السؤال الأهم
هل ستستطيع التخلي بهذه السهولة عن قطعة من قلبها للأبد....
شعرت بعبراتها تنهمر على وجنتيها لتتشبث
بأحد الحواجز مخافة أن تتعثر بعد أن
أصبحت عاجزة عن الرؤية أمامها بسبب
غمامة الدموع التي علقت بجفنيها... إنتبه لها
صالح ليسند جسدها محيطا كتفيها بذراعه
بينما عيناه تتفرسانها بدقة ظنا منه أنها قد
أصيبت بأذى ليهتف بلهفة
إنت كويسة...يارا ردي عليا مالك فيكي إيه
كانت عاجزة حتى على التحدث لتكتفي
بتحريك رأسها بنفي و محاولة إبعادها عنه
لكنه زاد من التمسك بها و هو ېصرخ على
أحد الحرس الذين كانوا قريبين منهما..روح هات العربية بسرعة....
رغم شعورها بالاختناق إلا أنها نجحت في
منعه قائلة بصوت مرتعش من بين شهقاتها
أنا كويسة...
سمعته و هو يتنهد بارتياح ثم قادها نحو أحد
المقاعد لتجلس و يأخذ منها قارورة
المياه التي فتحها لها و أعطاها إياها قائلا..
خذي إشربي...
أبعدتها بيدها عنها ثم مسحت دموعها و هي
تتنفس عدة
مرات بصوت مسموع حتى
تجلى تلك الغصة التي كتمت صدرها تحت
أنظار صالح الذي لم يكن يعلم ماذا يفعل...
إبتسمت بضعف و هي تلاحظ نظراته
القلقة نحوها قائلة..مفيش حاجة متقلقش
أي ست حامل بتبقى تصرفاتها غريبة
شوية... يعني عشان هرمونات الحمل بتخلينا
نعيط فجأة و من غير سبب أو يبقى نفسنا
ناكل أو نجرب حاجات غريبة
يلا قوم عشان سليم عاوز يركب الدودة .
قطب صالح جبينه و هو يردد وراءها..سليم...
سليم مين قصدك إبني.
حركت رأسها بنفي مصححة له..
قصدك إبننا... صالح أنا مش هقدر أتخلى
عن إبني و شوف إنت عاوز إيه مقابل إنك
تطلقني .
أخفى صالح سعادته بإعترافها بقبولها
بالطفل رغم غضبه من حديثها عن الطلاق
لكنه قرر تأجيل هذا النقاش لاحقا ليهتف
ببرود زائف..
إنت شايفة إن داه المكان المناسب عشان
نتكلم في موضوع زي داه
أومأت برأسها توافقه معاك حق...
شهقت و هي تضيف بانبهار..الله حلوة اوي
المراجيح دي.... و العربيات الصغننة....
و إلا أقلك لا مش عايزة لما أولد هبقى
ألعب فيهم مش كده.... صالح إنت هتجبني
هنا ثاني صح
سارع صالح في إجابتها..اه طبعا...
قبل أن يكمل بداخله متمتما..هي مالها
دي...حامل و إلا مچنونة مش كانت من شوية
عاوزة تتطلق...يووه هو أنا ناقص جنان.. أنا إيه
اللي عملته في نفسي داه .
أفاق على صوت يارا التي كانت تدعوه
للإنظمام إليها بعد أن نجحت في على ظهر
ذلك القطار الصغير...بدا مظهرها مضحكا
مما جعل صالح يضحك بخفة و هو يتجه
نحوها مجبرا نفسه على التنازل قليلا من
أجل هذا اليوم المميز الذي حاول فيه أن
يعيش فيه بشخصية صالح القديمة...
قضت يارا ساعات طويلة من السعادة في
هذا المكان المبهج و المليئ بالألوان و الحياة
شعرت بأنها قد عادت طفلة صغيرة همها فقط
اللهو...حيث جربت معظم الألعاب البسيطة
كالأرجوحة و القطار و كم ټعذب صالح و هو
يركض وراءها ليجبرها على الاكل عندما حان
وقت الطعام لكنها لم تقبل إلا عندما هددها
بأنه سيعيدها إلى القصر و سيمنعها من العمل
غدا..إنتهت من تجربة آخر لعبة و هي تشعر
بالبرد الشديد حيث بدأت الشمس تميل إلى
الغروب لتهرع نحو صالح الذي كان يستند على
أحد الحواجز الحديدية يراقبها حتى لا تتتأذى...
إرتمت في أحضانه و هي ترتعش قائلة..
خلينا نرجع
البيت...
نحوه لتهمهم يارا بكلمات غير مفهومة معبرة
عن إستمتاعها بهذا الدفئ...إبتعدت عنه و هي
تلف المعطف حول نفسها ليسير بها نحو السيارة...
بعد ساعتين كانت بغرفتها و تحديدا تحت غطاء
سريرها الدافئ تترشف كوبا من الشكولاطة الساخنة
و تسترجع ذكريات هذا اليوم الرائع الذي فاق
كل أحلامها...لدرجة انها لم تشعر بصالح الذي
إندس بجانبها تحت الغطاء لتنتفض بفزع عندما
تكلم محدثا إياها..مالك بتفكري في إيه
وضعت يدها على قلبها تهدأ ضرباته التي تسارعت
قبل أن ترد عليه..
كنت بفكر في اللي حصل النهاردة .
الاعتذار ثم إستأنف حديثه..و إيه رأيك
لم تفكر طويلا لتنبس بتأكيد..
عمري ما إتبسطت كده زي النهاردة...
خاطبها بمكر واضح..على فكرة اليوم لسه
مخلصش.
شهقت و هي تضع الكوب فوق الطاولة الملحقة
بالسرير معلنة رفضها القاطع في ما يفكر به..
لا... عشان خاطري سيبني أنام يوم مبسوطة.
عبست ملامح صالح من تصريحها ليرمي
يدها مغمغما بتذمر..
مش قصدي اللي في دماغك .. أنا أقصد
يمكن في مفاجآت جديدة .
إلتفتت له مردفة بحماس..بجد...طب سيبني
أنا هعرف لوحدي... ممم عربية جديدة صح .
رمقها بطرف عينيه قائلا..
تؤ...
خاب أملها و هي توبخ نفسها التي أطلقت العنان
لأحلامها متناسية الواقع لكنها سرعان ما نفت
تلك الأفكار فعقلها مازال منبهرا بما حصل اليوم
من تغييرات بينما تستمع لصالح الذي اضاف مصرحا
و هو يجذب هاتفه متصفحا إياه أمام وجهها
لتظهر لها صورة سيارة فاخرة في غاية الروعة
باللون الأحمر...
إيه رأيك في دي.... جيب جراند شيروكي موديل
202
متابعة القراءة